قيل لنا من قديم الزمان أن الشعر الآبيض نتيجة العجز و الكِبر....
أنه نتيجة مرور الأيام المظلمة الطويلة التي تنهك الأنسان فيحصد ثمارها بشعر أبيض....
و اليوم لاحظت خصلة بيضاء تحاول أن تتواري و تختبيْ بين طيات خصلي السوداء تحاول ان تتدعي عدم وجودها...
تخال أنني سأعاملها بجفا و لن أرحب بها بل أحاول جاهدة ان أطردها من أمام بصري و أمحي وجودها...
تخال أنني سأعاقبها و سأحملها كل خساراتي و أتعابي...
و لكنني وقفت متأملة جمالها و لونها الفضي اللامع.... كنت مبهورة بشبابها لما تكن خصلة ضعيفة بل كانت قوية و متألقة....
خاطبتها مطمئنة....قائلة
"لا تخافي... لا تتواري من أمام نظري....أنا لن أوذيكي....
أعلم أنك تعلمي بالحكايات و تتسألي ما سيكون مصيرك....لكن أطمئني...فأنت دائما مرحب بك"
لم تستوعب ما قلت و لم تصدقه لأنها تعلم انها هالكة لا محالة....
لكني قررت ان أقص عليها ما هو سر ترحيبي بها....
قبل ظهورك...كان حالي مثل حال الجميع...كنت لا أختلف عنهم...كنت دائما اتمني عدم مجيئك قط في حياتي...
و لكن الحياة كان لها رأي أخر...
قبل ظهورك...كنت أخاف أن أجازف و كنت أريد ان اظل في مساحة الأمان خاصتي...
و لكن الواقع كان له رأي أخر...
قبل ظهورك...كنت أختار أن لا أري الحقيقة و أعيش في ظل وهم كبير...
و لكن الحقيقة تحدثت و كان لها رأي أخر...
قبل ظهورك...كنت أرفض خوض المعارك و كنت أترك كل شيء للقدر...
و لكن القدر كان له رأي أخر...
لكنني اليوم....
أخوض معاركي و أنا في المقدمة لا أتواري خلف صفوف الجنود...
أتكلم بالحق و أدافع عن حدودي الشخصية...حتي لو كنت سأتألم....
فهمت معني ان أحيا بكامل أراداتي...و أفهم أن في التخلي قوة....
اليوم...انا أكثر نضجا عن البارحة...
اليوم وجدت الدليل علي نضجي و علي نجاتي من معاركي المهلكة....
اليوم انا أحتفل لأني أعلم أنك حقيقية و أن ما مررت به لم يكن سهلا...
اليوم أيقنت معني كلمة الكبر و النضج...
و ليس العجز...
يا خصلتي البيضاء مرحبا بك في عالمي و لا تخشي او تخجلي أن تظهري
لأنك دليل الانتصار و القوة...
أنك دليل للنور بعد الظلمة....
أنك دليل للأمل بعد اليأس...
أنك دليل بأنني لست مجرد روح في جثة و لكنني أنسان...